في مدينة الهموم

أحد الأشعار من الشاعر الرائع عبدالرحمن العشماوي

كنت أرددها كثيراً بعد أخي يوسف ….. وكنت دائماً أحس برهبة منها (أو نشوة)…

أحببت لكم سماعها … تحميل الشعر بصوت الشاعر

 وهذه كلماتها ….

في أحد الأحياء في مدينة الهموم
تجاورت كنيسة و مسجد و حانة
ففي الكنيسة الرهبان يهتفون
وتحت سقف المسجد الطهور
تشيع روح الأمن و السلام
وينجلي القسام
يفوح مسك الختم للقرآن
وتخشع القلوب للرحمن
وعند باب المسجد الطهور
في ليلة ظلمائها تمور
دبابة حانقة لها علامتان
علامة الصليب في اليمين
ونجمة اليهود في اليسار
وفوقها أجهزة الإنذار
قائدها في حانة القذارة
يعّبُ من زجاجة
ينتظر الإشارة
تفوح من الخيل رائحة العدوان
وجاءت الإشارة الرهيبة
تحذر الكتيبة
تنبهوا و حركوا الزناد
هناك طفلٌ يذكر الجهاد
ويقرأ التوبة و الأنفال
هناك طفلٌ أيها الرجال
سيُحدث الزلزال
وبعد لحظة تثاءب السكران
واضطرب المكان
و اختلط الصياح بالنحيب
ولمعت في الليل نجمة اليهود
وارتسمت علامة الصليب
وعند باب المسجد الطهور
تجمد الزمن !!!!
واشعلت من حوله الفتن
وحفظ الصغير في لفافة الكفن
وعلقت في حائط الظلام
لافتة السلااااااااام
و حولها في الأرض ألف جثة مجندلة
و ألف ألف طلقة و قنبلة
وعند باب المسجد الطهور قائد الكتيبة
يكتب في مذكراته الحكاية الرهيبة
ولم تزل في حانق الظلام لافتة السلام
في أحد الأحياء في مدينة الهموم
تحدثوا عن طفلة تلوذ بالجدار
للخوف في أهدابها إشارة انكسار
والأم في زاوية تصيح و حولها بحيرة حمراء
ووردة ذابلة صفراء هديةٌ من زوجها الجريح
و الناس يشكرون هيئة الأمم
فحالف يحلف أنها مصابة بشلل نصفي
و حالف يحلف أنها قاطعة في ركنها القصي
و حالف يحلف أنها مصابة بمرض الصمم
و أنها مكسورة القدم و أنها مباعة الذمم
واحتدم الجدال بينهم … و الأم تلعق الندم
و الطفلة البريئة التي تلوذ بالجدار
للخوف في أهدابها إشارة انكسار
تصيح بالرجال …. يا رجال
وتشعل السؤال
لا أحد مجيب
فأمتي يا طفلتي تلوذها الفتور
و أمتي تعودت أن تسمع النحيب
لذاك لا تجيب … لذاك لا تجيب

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*
To prove you're a person (not a spam script), type the security word shown in the picture. Click on the picture to hear an audio file of the word.
Anti-spam image